الاثنين، 17 أكتوبر 2011

ثقافة الديمقراطية كمعبر للعدالة الانتقالية


د بوحنية قوي
الدراسة منشورة في مجلة الديمقراطية الصادرة عن مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية 

تبدو عملية استقراء الثورات‏,‏ ومقاربتها عملية تفكيكية صعبة‏,‏ فهي تتطلب أدوات منهجية‏,‏ ومنهجا ابستمولوجيا‏,‏ لا يتوقف عند قراءة الحاضر‏,‏ بل يمارس تجميع الأدوات الإحصائية والمعطيات الاقتصادية والاجتماعية لتشكيل رؤية‏vision))‏ علمية‏,‏ لأن الثورة لا تقاس عمليا باللحظة الراهنة وإلا أضحت عملية إجرائية تقيس نشاطا عاديا‏,‏ وإنما تتطلب مراسا منهجيا يتعامل مع الثورة ــ ومنها الثورات العربية الحديثة في تونس ومصر ــ بمنطلق بناء المؤسسات‏,‏ وإعادة صياغة الأيدولوجيا‏,‏ لأن قوة الثورة من قوة بناء المؤسسات‏,‏ و هذه القوة بدورها تتطلب ثقافة سياسية‏(politicalculture)‏ تنويرية وروح مواطنة عالية‏(highlevelcitizenship)‏ يتجاوز الجهويات الضيقة‏,‏ والمناطقيات المحدودة‏.‏

'‏ إن عملية بناء المؤسسات تعني بلوغ الثورة إلي مستوي معين من التكوين النظامي سواء في ما يتعلق بمؤسساته الرسمية أو الطوعية‏,‏ إذ أن العملية السياسية لا تجري إلا من خلال منظمات وإجراءات سياسية وبقدر ما تصبح هذه المنظمات والإجراءات أنماطا من السلوك الدائم والمتواتر والمعترف به تصير مؤسسات سياسية وتلك هي فلسفة الثورة‏,‏ وقوتها‏,‏ وسير ديمومتها‏'.(1)‏

يرتبط فهم الثورات العربية الحديثة في تونس ومصر تحديدا بإدراك الأنساق التالية‏:‏

‏1‏ـ النسق البنائي‏:‏ الذي يهتم بعملية البناء‏(‏ بناء المنظمات والمؤسسات ــ بناء الأحزاب ــ و بناء المجتمع المدني‏),‏ وهي عملية ديناميكية تتطلب إعادة هندسة البناء السياسي والاجتماعي للسلطة وأدواتها‏.‏

‏2‏ ـ النسق الأيديولوجي والفكري‏:‏ فالثورة ترتبط بالديمقراطية والديمقراطية تزداد وتيرتها بترسيخ قيم المواطنة والتكامل بين الصفوة والمجتمع‏,‏ و إعادة تشكيل أسس التنمية السياسية لإقامة مبادئ الشرعية والمشروعية‏,‏وصولا إلي إرساء مبادئ الحكامة الجيدة‏.‏

‏3‏ـ النسق التفاعلي‏:‏ ليست الثورة عملية داخلية صرفة‏,‏ كما أنها ليست عملية ضغط خارجي‏,‏ إنما عملية يستقيم عودها عندما تتهيأ التربة الداخلية لاستنبات الديمقراطية‏,‏ كما أنها ديناميكية ومسار يتكيف مع المحيط الخارجي في ظل ثقافة كوكبية ترتبط بمفاهيم التشبيك‏(
Networking)‏ ومقاربات الاعتماد المتبادل‏((Interdependency.‏ بهذا الصدد يلاحظ أن الفكر السياسي الأمريكي يؤكد في عمومياته التنظيرية أن الديمقراطيات أسرة واحدة ومنسجمة‏,‏ وإن أفضل وسيلة لتأمين السلم الدولي هي كسر الاستبداد ونشر الديمقراطية‏.‏ بيد أن تجربة الأنظمة الديمقراطية الجديدة في أمريكا اللاتينية والدول العربية أثبتت لواشنطن زيف العلاقة الائتلافية العضوية بين‏'‏ القطب الديمقراطي الأكبر‏',‏ والهوامش الديمقراطية الجنوبية الناشئة‏,‏ التي عادة ما تفضي فيها الإرادة الشعبية إلي صعود القوي الأيديولوجية والسياسية المناوئة لنفوذ وسياسات الولايات المتحدة‏.‏ فلا عبرة بتكرار تجربتي أوروبا الغربية واليابان في علاقتهما بحليفهما الأمريكي الذي تقاسمتا معه المصالح الجيوسياسية والاقتصادية في سياقات تاريخية معروفة‏,‏ لقد طرح علي العقل السياسي الأمريكي أسئلة عصية‏,‏ يتعلق بعضها بمدي قابلية استنبات الديمقراطية في سياقات ثقافية غير ليبرالية‏,‏ ويتعلق البعض الآخر باتهام الإسلام بالانغلاق والاستبدادية مما يفضي إلي‏'‏ اغتيال‏'‏ كل أفق ديمقراطي بأدوات الديمقراطية‏(‏ أي الانتخابات التعددية الحرة‏).‏
ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية الحالية تراهن في المناخ الثوري الجديد علي بروز تشكيلات إسلامية معتدلة وليبرالية علي غرار حزب‏'‏ العدالة والتنمية‏'‏ التركي قادرة علي الدخول في‏'‏ توافق الحد الأدني‏',(‏ الديمقراطية التعددية دون انهيار التوازنات الاستراتيجية الأساسية في المنطقة‏).(2)‏

في فلسفة الثورة‏:‏

الثورة المصرية ــ كما هو الأمر بالنسبة للثورة التونسية ــ كانت حسب إبراهيم أبراش‏'‏ ثورة كل الشعب‏,‏ ثورة الشاب خريج الجامعة الذي لا يجد عملا‏,‏ وثورة الشاب الذي لا يجد شقة ليتزوج بها‏,‏ وثورة العامل الذي يتقاضي جنيهات لا تكفي لشراء الخبز فكيف باللحمة التي لا يتذوقها إلا بالأعياد‏,‏ ثورة الطبيب والمهندس وأستاذ الجامعة الذين يتقاضون راتبا بالكاد يكفيهم أجرة مواصلات وسكن‏,‏ ثورة كل مواطن أجبر أن يتحول لخادم للسياح العرب والأجانب الذين يدرون دخلا بملايين الدولارات سنويا تذهب لحساب شركات السياحة المملوكة لوزير السياحة ومافيات صناعة السياحة ولدعم أجهزة القمع الرسمية‏,‏ ثورة كل مواطن يقف بالطابور لساعات حتي يحصل علي خبز أو مواد تموين مدعومة‏,‏ ثورة كل مواطن تمتهن كرامته كل يوم علي يد رجال الأمن والشرطة والمخابرات‏,‏ثورة ملايين العائلات التي تعيش بعيدا عن عائلها الذي اضطر ليعيش في الغربة لسنوات حياة شقاء لا تخلو أحيانا من إذلال حتي يوفر لأفراد أسرته الحد الأدني من العيش الكريم‏,‏ ثورة التاجر الصغير وأصحاب المصانع والورش الصغيرة الذين سحقتهم مافيا شركات رجال الأعمال الكبار المحسوبين علي الحزب الحاكم والعائلة الحاكمة‏.‏ إنها ثورة كل مواطن أذله القهر وامتهان الكرامة‏.‏الثورة بهذا المعني فعل مركب ومعقد ونجاحها بكل أبعادها مرهون بإعادة بناء النظام السياسي والاجتماعي بما يحقق مطالب كل فئات الشعب‏:‏العمال والفلاحون والمثقفون والطلاب والنساء الخ‏,‏أو علي الأقل يعطبهم أملا بان غدهم سيكون أفضل من يومهم‏'.(3)‏

لقد شهدت غالبية المجتمعات عبر التاريخ تحركات شعبية واسعة إلا أنها تفاوتت سواء في الحوامل الاجتماعية للثورة أو من حيث درجة العنف المصاحبة للثورة أو من حيث نتائجها وقدرتها علي تحقيق أهدافها‏,‏ كثير من التحركات الشعبية التي نعتها أصحابها بالثورة إما كانت محدودة الأهداف أو فشلت في تحقيق أهدافها وبعضها كان أقرب لحالات الفتنة والفوضي مما هي ثورة‏.‏ دون التقليل من أهمية أي تحرك أو انتفاضة شعبية ودون الغوص بالجدل حول توصيف الحركات السياسية في التاريخ الإسلامي فإن أهم الثورات الناجحة ما بعد الحروب الدينية التي شهدنها أوروبا هي‏:-‏

‏1‏ـ الثورة البريطانية‏1688‏ وقامت ضد حكم آل ستيورت

‏2‏ ـ الثورة الأمريكية‏1773‏ ــ‏1784,‏ وهي ثورة اجتماعية وتحررية في نفس الوقت‏.‏

‏3‏ ـ الثورة الفرنسية‏1789‏ ــ‏1799.‏

‏4‏ ـ الثورة الإيطالية‏1884.‏

‏5‏ ــ الثورة البلشفية‏1917‏ في روسيا ضد الحكم القيصري‏.‏

‏6‏ ــ الثورة الصينية بقيادة ماو تسي تونج‏1949‏ التي أطاحت بنظام شيانج كاي شيك‏.‏

‏7‏ ــ ثورة يوليو‏1952‏ في مصر‏,‏ مع أن جدلا ثار وما زال إن كانت ثورة أم انقلاب عسكري‏.‏

‏8‏ ــ الثورة الكوبية‏1959‏ التي قادها فيدل كاسترو ضد حكم الدكتاتور باتستا‏.‏

‏9‏ ــ الثورة الإيرانية الخمينية‏1979‏ التي أسقطت الشاه محمد رضا بهلوي

‏10‏ــ ثورات شعوب أوروبا الشرقية بدءا من عام‏1989‏ التي أطاحت بالأنظمة الشيوعية‏.‏

‏11‏ ــ الثورة البرتقالية في أوكرانيا‏.2004‏

‏12‏ ــ الثورة في قيرغزستان‏(2004)(4)2005‏ ــ‏2010.‏

وهنا يمكن التمييز بين نوعين من الثورات‏:‏

النوع الأول من الثورات يمكن تسميته ثورات‏'‏ تأسيسية‏'
FoundationalRevolutions‏ أو عظمي كونها لا تمحو بنية سياسية واجتماعية واقتصادية قديمة فحسب‏,‏ وإنما تضع الأساس لبنية جديدة لا يمكن محوها إلا بثورة أخري أكثر قوة وتأثيرا‏.‏ أما النوع الثاني فيطلق عليه مسمي‏'‏ ثورات تحويلية‏'TransformationalRevolutions‏ أي أنها ثورات مهمة تقوم بتحويل المجتمع ونقله من وضع إلي آخر‏,‏ ولكنها لا تتمتع بالديمومة والاستمرار لأسباب مختلفة بعضها أيديولوجي‏,‏ والبعض الآخر سياسي واستراتيجي‏.(5)‏
والثورة في عمقها وأبعادها ونواتجها يفترض أن تكون تأسيسية حتي تستطيع أهداف السياسات العامة لإعادة بناء الدولة والمجتمع‏.‏

هناك عدد من العناصر المشتركة بين الثورات العربية‏,‏ وتلك الثورات الديمقراطية أهمها‏:‏

‏1‏ ــ الطابع الشبابي لتلك الثورات‏,‏ فكلها بدأت كإنتفاضة شبابية سرعان ما انضم إليها الشعب للتحول إلي ثورة شاملة‏.‏ ويمكننا أن نقارن بين حركات مثل‏'‏ شباب‏6‏ إبريل‏'‏ و‏'‏ شباب من أجل العدالة والحرية‏'‏ و‏'‏حركة كفاية‏'.‏ في المقابل هناك حركات مشابهة مثل‏'‏ أوتيور‏'‏ في صربيا‏,‏ و‏'‏ كمارا‏'‏ في جورجيا‏,‏ و‏'‏ بورا‏'‏ في قيرغزستان‏.‏

‏2‏ ـ الطابع السلمي لتلك الثورات‏.‏

‏3‏ ـ التوسع في استخدام المنتجات التكنولوجية الحديثة‏,‏ الموبايلات في بدايات القرن‏,‏ وشبكة التواصل الإجتماعية‏(‏ الفيس بوك والتويتر‏)‏ في الحالتين المصرية والتونسية‏,‏ وأيضا في مولدافيا عام‏2009‏ م‏.‏

‏4‏ ـ السيولة التنظيمية وافتقاد الكيان السياسي المتماسك والقيادات ذات الكاريزما‏.‏ وبالتالي لم تتكمن تلك الحركات السياسية من تنظيم حزب كبير قوي يعبر عن أهداف الثورة‏,‏ وكان هذا سببا في ارتباك تلك الثورات‏,‏ وبالتالي تعثر التحول الديمقراطي‏.‏ ولعل من الجدير بالتأمل أن الثورة البرتقالية في أوكرانيا ضد الرئيس‏'‏ يانكوفيتش‏'‏ التي ألهمت الجميع‏,‏ قد انتهت بعودة نفس الرئيس‏'‏ يانكوفيتش‏'‏ إلي الحكم نتيجة انتخابات ديمقراطية حرة تمت عام‏2010‏ أي بعد ست سنوات من الثورة الشعبية ضده‏!.‏ أما حركة‏'‏ كمارا‏'‏ أو‏'‏ كفاية‏'‏ الجورجية‏,‏ فقد ذابت في تكتل شمولي أقامه الرئيس الجورجي‏'‏ سكاشفيللي‏',‏ لتعيد إنتاج نفس النظام الشمولي الذي ثارت ضده‏.‏

‏5‏ ـ عدم وجود قطيعة أيديولوجية مع النظام الذي ثارت ضده‏,‏ نتيجة أنها ثورات ديمقراطية بلا عقائد أيديولوجية مخالفة‏.‏ وهذا الأمر يختلف كلية عن الثورات التاريخية السابقة‏,‏ وهو يتطلب إعادة تشكيل رؤية أيديولوجية واضحة‏.‏

و قياسا علي التجارب الثورية المشابهة‏,‏ والإنتفاضات المناظرة يمكن إبراز السيناريوهات التالية‏:‏

‏1‏ ـ يمكن أن تؤدي الانتفاضات الثورية الديمقراطية إلي تغيرات سياسية أساسية‏,‏ ولكنها لن تؤدي إلي تغيرات اجتماعية أو اقتصادية كبيرة لغياب البعد الأيديولوجي‏.‏

‏2‏ ـ وجود تداخل بين النظامين ما قبل الثورة وما بعدها‏,‏ واستمرار عدد كبير من الشخصيات السياسية متصدرة الواجهة السياسية‏.‏ وفي أسوأ الحالات يمكن للثورة إعادة إنتاج النظام السابق بوجوه جديدة‏.‏

‏3‏ ـ إمكانية عودة النظام الذي تم إسقاطه‏_‏ ديموقراطيا‏-‏ مع بعض التعديلات الشكلية غالبا‏.‏

‏4‏ ـ لن يمكن للقوي الثورية الآن ولا في المستقبل تنظيم نفسها في كيان سياسي واحد‏,‏ فأهداف مثل هذه الثورات الديمقراطية هي مجرد إسقاط النظام دون امتلاك رؤية محددة لكيفة بناء نظام جديد‏,‏ وبالتالي فأهداف الثورة تتحقق بمجرد إسقاط النظام‏,‏ وسيترك واجب إقامة النظام الجديد للقوي القديمة التي يمكنها النجاة بنفسها من مقصلة الثورة‏.‏

‏5‏ ـ ترجح بعض السيناريوهات نتيجة غياب القيادة المسيطرة علي الحركة الثورية فستكون الفوضي بديلا قائما وبفرص عالية جدا‏,‏ وكنتيجة استمرار الحالة الثورية بلا نهاية‏.‏ الآن تظهر ثقافة التغيير عن طريق الحشد والتجييش بحيث يصبحان فنا قائما بذاته‏,‏ وتختفي وتشحب سلطة القانون والنظام‏,‏ خاصة في مجتمعات فقيرة حديثة العهد بالحرية‏,‏ تفتقد التقاليد الثقافية التي تجعل من النظام غريزة جماهيرية‏(‏ نلاحظ بهذا الصدد التجربة اليمنية والحالة الليبية‏).‏

‏6‏ ـ الثورات القديمة كانت تعرف متي تتوقف لتصبح نظاما نتيجة وجود القيادة الحاكمة‏,‏ أما الآن فسيكون التثاقل الذاتي وعودة السلطات القديمة وحدهما ما يمكن أن يوقفا الفوضي‏.(6)‏

ورغم ما سبق فإن الثورات العربية تحمل في طياتها شيئا جديدا تماما وغير مسبوق في الخبرة التاريخية العربية علي الأقل‏,‏ وبالنظر لجدتها ونتائجها فهي مرحلة جديدة في تاريخ هذه الأمة كذلك‏.‏ ولعل عناصر هذه الجدة تبرز علي ثلاث مستويات‏;‏ الأول‏:‏ طبيعتها السلمية‏,‏ بحيث خرجت الملايين في مصر وتونس خاصة‏,‏ دون عنف‏.‏ ولولا عنف الدولة ووسائل قمعها لما سقط الشهداء الذين سقطوا‏.‏ ويكاد الواقع نفسه ينطبق علي المسيرات التي خرجت في الأردن والبحرين واليمن والمغرب والعراق‏,‏ باستثناء ليبيا وسوريا‏.‏ والمستوي الثاني‏,‏ أنها خرجت في منطقة من العالم اعتقد البعض تحت تأثيرات معرفية استشراقية أنها عصية علي الفهم وجامدة عن كل تحول‏,‏ مما أنتج الاستهانة بشعوبها‏.‏ والأخير أنها تقدم مداخل جديدة للتيارات والحركات الإصلاحية والتغييرية للعمل بآليات سلمية ولكن فعالة‏,‏ سواء لمن اختار التغيير من داخل النظام أو لمن اختار التغيير من خارجه‏.(7)‏
و في الحقيقة فإنه قبل الثورة التونسية كان يشار إلي مصر وتونس والمغرب والجزائر وسوريا والسودان وإيران باعتبارها مظانا لثورات شعبية‏,‏ مع الفروق الشاسعة بين أنواع هذه الثورات وانعكاساتها‏.‏ ففي المغرب لا يرتبط التذمر الاجتماعي بحالة عدائية شعبية ظاهرة ضد النظام الملكي‏,‏ وفي سوريا يمكن لثورة تطيح بالنظام أن تفجر الصراعات الطائفية والعرقية لصالح إسرائيل وإيران‏,‏ أما الجزائر فإنها تفلح في امتصاص التذمر بإنفاقها الاجتماعي وبالسماح بحرية التعبير‏.‏ أما الملكيات العربية فإنها دول رفاهية لا تتألم فيها الشرائح الوسطي كثيرا‏,‏ وليس للمعذبين فيها حق المواطنة‏.‏ ومهما يكن من أمر فإن الثورات العربية القادمة ستندلع من الدول التي توجد بها طبقات واسعة مفقرة بفعل الأزمات الغذائية‏,‏ وبفعل سياسات انسحاب الدولة‏,‏ والتي تسود فيها الأوليجاركية بشكل زائد‏.‏
أما المسألة الثانية التي ينبغي ملاحظتها في هذا الإطار فهي أن الثورات الشعبية ليست جديدة علي المنطقة العربية‏,‏ بل إن الأنظمة القائمة في معظم هذه الدول قادمة من خلال ثورات شعبية قوية في بدايات القرن العشرين‏.‏ ورغم أن الكثيرين أشاروا إلي الثورة التونسية باعتبارها أول ثورة عربية شعبية إلا أن تاريخ الثورة الشعبية عريق في دول تبدو الآن بعيدة عن كل حس ثوري في سوريا والعراق ومصر والسودان‏,‏ هذا إضافة إلي عشرات الانتفاضات التي لم تكتب لها فرصة النجاح في كل العالم العربي والإسلامي‏.(8)‏
الجديد الآن في الثورة التونسية والمصرية الجديدتان وتحديدا‏,‏ هو غياب الدور الغربي‏.‏ إذ تمر أمريكا بمنعرج سلطوي مهم‏,‏ ويبدو أن النظام فيها لم يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه في تونس ومصر‏.‏ وإلي حد الآن لم يحدث حراك غربي لتفادي السيناريوهات المحتملة من انفلات المنطقة وظهور قوي معادية للمصالح الغربية‏,‏ الاقتصادية والسياسية فيها‏.‏ ربما مازال الوقت مبكرا للجزم بهذا‏,‏ وربما تدور تحركات كهذه بالفعل في الكواليس ولكن السكوت العلني أمام مخاطر ظهور قوي كانت تثير الرعب إلي حد الآن يعتبر انتصارا تاريخيا في حد ذاته‏,‏ ويجب استغلاله في بقية المنطقة‏.(9)‏

ويمكن إبراز أهم ملامح نضوج الوعي الديمقراطي العربي في أربع نقاط رئيسية‏:‏

أولها‏,‏ زيادة الطلب علي منظومة الحريات الأساسية كحرية التعبير وحرية التجمع وحرية التظاهر وحرية العمل السياسي‏.‏ والمثير هنا أن هذا المطلب لم يعد مطلبا نخبويا‏,‏ وإنما بات أشبه بثقافة تنتقل من فئة إلي أخري‏,‏ ومن طبقة إلي غيرها‏,‏ كما لو أنه‏'‏ بقعة زيت‏'‏ تنتشر تدريجيا عبر وسائل الإعلام‏,‏ ومن خلال الشبكة العنكبوتية‏.‏

ثانيها‏,‏ الانخراط الثقيل للأنتلجنسيا العربية في عملية التغيير‏,‏ ودخول رموز فكرية وثقافية ظلت لفترة طويلة علي الحياد‏,‏ إلي ساحة النضال السياسي‏.‏ واللافت أن هؤلاء جميعا دخلوا المعترك السياسي من الباب‏'‏ الشعبي‏'‏ وليس عبر الأحزاب التقليدية‏,‏ فضلا عن إصرارهم علي إكمال‏'‏ مشوار‏'‏ التغيير مهما يكن الثمن كما حدث في مصر وتونس واليمن والأردن‏.‏

ثالثها‏,‏ زيادة المناعة الاحتجاجية لدي شباب المعارضة الجديدة‏,‏ وتراجع ثقافة‏'‏ الخوف والرهبة‏'‏ من السلطة تدريجيا‏,‏ وهي مناعة تزداد تجذرا كلما زادت درجة القمع وليس العكس‏.‏ وهنا لم تسقط وظيفة‏'‏ الردع‏'‏ لعنف الدولة فحسب‏,‏ وإنما أيضا بات اللجوء إليه أشبه بمغامرة باهظة الثمن‏.‏ وما تشهده مصر حاليا يشي بإمكانية حدوث ذلك‏,‏ وسيكون خطأ تاريخيا إذا لجأت الحكومة المصرية لإطلاق الرصاص‏'‏ الحي‏'‏ علي المعارضين علي نحو ما طالب به بعض نواب الحزب الحاكم قبل أيام من اندلاع الثورة المصرية‏,‏ فهذا ما يريده المعارضون من أجل إشعال ثورتهم المكتومة‏.‏

رابعا‏,‏ هو تلك المسافة الفاصلة بين حركات المعارضة العربية والدعم الخارجي بشأن تحقيق الديمقراطية‏.‏ وأهمية ذلك ليس فقط إسقاط أية دعاوي أو اتهامات بالعمالة والتآمر مع الخارج علي نحو ما جرت العادة‏,‏ وإنما بالأساس في إدراك المعارضة العربية الجديدة أن مسألة التغيير هي واجب وطني محض يجب القيام به دون التعويل علي الدعم الخارجي‏.(10)‏

الثورات العربية والعبور للعدالة الانتقالية‏:‏

هناك ملامح إيجابية تنبئ عن مقومات تجديف ناجحة لعبور العدالة الانتقالية تبرز كما يلي‏:‏

أولا‏,‏ أن هذه الثورات أو الهبات تتجاوز ليس فقط الأطر الكلاسيكية للتنظيمات والجماعات السياسية العربية‏,‏ وإنما أيضا المقولات السياسية والأيديولوجية التقليدية‏,‏ وهي هنا ليست ثورات موجهة ضد الأنظمة السلطوية فحسب وإنما أيضا ضد معارضيها ونخبها‏,‏ وهي هنا أشبه بعملية تطهير للنخبة السياسية القائمة بشكل جذري‏,‏ بكلمات أخري‏,‏ حين تقوم الثورات فإنها لا تنهي فقط شرعية الأنظمة السلطوية وإنما أيضا تنهي معها شرعية المعارضات السياسية التي تجاوزتها الكتل الاجتماعية التي تشكل القلب النابض لهذه الثورات‏,‏ ويصبح من غير المقبول بعد سقوط الأنظمة السلطوية أن تسعي قوي المعارضة إلي حصد ثمار الثورات وامتطائها من أجل تحقيق مكاسب سياسية وحزبية‏.‏

ثانيا‏,‏ تتميز الثورات العربية بغياب قيادات أو رؤوس منظمة ومحركة لها بشكل عمودي‏,‏ ولعل هذا أحد أسباب قوتها ونجاحها‏-‏ وعلي عكس النظرة المتشائمة التي تري في التحرك غيابا لقوي وقيادات كاريزماتية‏-‏ ففي الحالة التونسية لم تكن هناك قيادة موحدة للثورة‏,‏ وإن كانت هناك جماعات عمالية ومهنية تغذي الثورة بدماء جديدة‏.‏ وفي الحالة المصرية‏,‏ وهنا يبدو الأمر مدهشا‏,‏ لم توجد قيادة موحدة للثورة ولا حركة تنظيمية تغذيها بشكل مؤطر‏,‏ وإنما كانت هناك جماعات تتحرك بشكل أفقي وتتلامس مع بعضها في دوائر أفقية سوف يعرف الكثير عنها مستقبلا‏.‏ أما في الحالة الليبية‏,‏ فيبدو الأمر حتي هذه اللحظة أكثر ضبابية‏,‏ وإن كانت أقرب لانتفاضة عفوية تحركها مظالم تاريخية ونفسية انفجرت بشكل فجائي وهائل‏.‏

ثالثا‏,‏ هذه الثورات لا تستهدف فقط خلع الأنظمة السلطوية العربية‏,‏ وإنما أيضا تسعي لتأسيس نظم وجمهوريات جديدة علي أسس ديمقراطية سليمة‏.‏ وهنا تبدو المفارقة مذهلة‏,‏ فعلي مدار العقود الماضية كان الخطاب الرسمي العربي يمارس جميع أنواع التشويه ضد فكرة الديمقراطية‏,‏ وكان الإعلام السلطوي يزاوج بخبث بين مسألتي الديمقراطية والعلمانية إلي الدرجة التي بات مجرد ذكرهما أشبه بالوقوع في الخطيئة‏,‏ وهو ما ترك أثرا سلبيا لدي قطاعات واسعة من الجمهور العربي بمن فيه بعض المثقفين ورجال الدين الكلاسيكيين تجاه المسألة الديمقراطية‏.‏ لذا‏,‏ فقد كان مدهشا أن نري وجوها مصرية وتونسية تخطها تجاعيد الشيخوخة تنادي بالديمقراطية والحرية‏.‏

رابعا‏,‏ هذه الثورات لا تعترف بخطوط حمراء‏,‏ ولا تلتزم بقواعد اللعبة السياسية التقليدية‏,‏ فهي عندما تشتعل ترفض فكرة الحلول الوسط‏,‏ وكأنها تسير في طريق ذي اتجاه واحد هدفه رأس النظام‏.‏ من هنا يبدو الإصرار علي إكمال الطريق حتي آخره أمرا بديهيا ولو دفعت في سبيله الغالي والنفيس‏.‏ وقد سمعنا وشاهدنا عبر الفضائيات قصصا عن مواطنين بسطاء دفعوا بأبنائهم للتضحية في سبيل الحرية‏,‏ وهو ما يعد تحولا نوعيا في بنية العقل العربي فيما يخص مفاهيم التضحية والاستشهاد‏,‏ يتطلب التوقف أمامه وإدراك دلالاته ومغزاه‏.‏

خامسا‏,‏ والأهم‏,‏ أن هذه الثورات لا تعبأ كثيرا بحسابات القوي والأطراف الخارجية‏,‏ ولا تعول علي دعم هذا الطرف أو ذاك‏,‏ بل علي العكس فقد كشفت الثورتان المصرية والتونسية وأخيرا الليبية أن القوي الغربية تمثل عقبة في وجه الثوار إما بسبب دعمها وحمايتها للأنظمة السلطوية أو نتيجة لصمتها علي ما تقترفه من جرائم في حق مواطنيها كما هي الحال الآن في ليبيا‏.‏ وقد أسقطت هذه الثورات كل أقنعة الزيف والازدواجية الأخلاقية والقيمية الغربية بعد أن وصل الأمر أحيانا إلي حد التواطؤ الصريح في دعم بقاء هذه الأنظمة السلطوية علي قيم ومبادئ الحرية والديمقراطية كما كان الحال في تونس حين عرضت وزيرة الخارجية الفرنسية ميشيل إليو ماري تدريب قوات الشرطة التونسية لقمع المتظاهرين‏.‏

سادسا‏,‏ فإن انفجار الثورات العربية علي هذا النحو المثير قد يبدو كافيا وشافيا لفهم ما حدث للمجتمعات العربية خلال نصف القرن الماضي‏,‏ وما اقترفته أنظمة ما بعد الاستقلال من خطايا في حق شعوبها‏.‏ فقد تم تغييب وتهميش العقول والثقافة العربية لصالح بناء دولة الفرد الواحد‏,‏ والنظام الواحد تحت شعار الحلم الواحد‏,‏ فكانت النتيجة هي أنظمة سلطوية أحادية لا تقبل الخروج من السلطة أو المشاركة فيها‏,‏ وإذا قرر الشعب أن يعترض أو يثور يجري ضربه بالرصاص وقنابل الغاز والطائرات الحربية دون شفقة‏.(11)‏

أفاق الانتقال للديمقراطية‏:

إن الديمقراطية ليست نزوة أو رغبة ولكنها سيرورة حضارية شاملة وفي جميع الصعد‏,‏ ومن الصعوبة بمكان ممارسة الديمقراطية في البلدان التي قد تطبعت منذ قرون علي التسلط والفردية والشمولية‏,‏ وفي ظل انعدام التراث الديمقراطي وانعدام مبدأ التسامح في الرأي والمعتقد والتفكير والتعدد‏,‏ فالمسألة تحتاج إلي وقت ونفس طويل حتي تستقيم الديمقراطية في البلدان النامية علي قدميها‏.‏
إذ يمكن ممارسة الديمقراطية حتي في أحلك الظروف‏,‏ وهذا يتوقف علي مدي جدية القوي الفاعلة في الساحة السياسية واقتناع الهيئات ودرجة ثقافتها وإيمانها بالتعدد السياسي والاجتماعي والثقافي وبالمشاركة في الإدارة والحياة العامة‏,‏ وبالتداول السلمي للسلطة وبدور فعالية الهيئات النظامية في القيام بواجباتها‏,‏ وذلك بضبط إيقاع الحياة بأطيافها المختلفة بصورة عادلة ومتقنة‏.‏
إذ أن تطور النهج الديمقراطي في البلدان النامية مرهون بمدي توافر وتطور عدد من المسائل الجوهرية ومنها‏:‏

‏1‏ ـ اقتناع الهيئات النظامية والقوي المتنفذة بالديمقراطية والتناوب السلمي للسلطة‏.‏

‏2‏ـ تثبيت أركان الدولة العادلة والديمقراطية المستندة إلي الشرعية الدستورية والقانونية‏.‏

‏3‏ـ الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي والحياتي‏.‏

‏4‏ ـ التطور الاقتصادي والاستقرار المعيشي‏.‏

‏5‏ـ شيوع التعليم والثقافة‏,‏ وازدياد مستوي الإدراك لدي عامة الناس‏.‏

‏6‏ـ فصل السلطات وألا تغطي السلطة التنفيذية علي السلطتين التشريعية والقضائية‏.‏

‏7‏ـ فعالية هيئات المجتمع المدني وممارساتها للديمقراطية ضمن أطرها كنموذج يحتذي به في المجتمع‏.‏

‏8‏ ـ سيادة الدستور والنظام والقانون‏.‏

‏9‏ ـ الانتخابات الديمقراطية النزيهة للهيئات الرسمية والأهلية والمدنية‏.‏

‏10‏ـ المواطنة المتساوية‏,‏ وسمو سلطة العدالة علي سلطة القوة والهيمنة‏.‏

‏11‏ـ تحييد مؤسسات القوة‏(‏ الجيش والأمن‏)‏ وجعل هذه المؤسسات وطنية لا تتبع الأحزاب ولا تتدخل في الصراعات الانتخابية والسياسية إلا تبعا لما تقتضيه المصلحة الوطنية ولحماية الدستور والقوانين والشرعية والهيئات المنتخبة‏.‏

‏12‏ـ إحترام حقوق الإنسان‏.‏

‏13‏ـ حرية الرأي والقول والعقيدة وتداول المعلومات وحرية الصحافة والإعلام والثقافة والاجتهاد والانتقام المحتشم والهادف واحترام الرأي والرأي الاخر‏.‏

‏14‏ ـ احترام التعددية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية‏.‏

‏15‏ـ الاعتراف بمبدأ الأغلبية في الحكم واحترام حق الأقلية في المعارضة‏.‏

‏16‏ـ فعالية المؤسسات المدنية والسياسية وحرية نشاطها‏.‏

‏17‏ ـ نزاهة واستقلالية القضاء وعدم تدخل في أحكامه حتي لا يفسد العدل‏.‏

‏18‏ ـ تثقيف وتوعية المرأة كناشطة في مسرح الحياة الديمقراطية وتفعيل دورها الديمقراطي‏.‏

‏19‏ـ التقليل من المركزية الشديدة‏,‏ ومنح الصلاحيات للجهات المختصة الوسطية‏,‏ والتحتية للقيام بأعمالها دون تدخل من المركزي لأنه في السياسة ليس المهم أن تكون هناك مناصب كثيرة‏,‏ بل المهم كيف نستخدم هذه المناصب بشكل جيد‏.‏ وهذا يحتاج لعلم سياسي وثقافة سياسية‏,‏ ليس المهم أن تكون هناك مناصب كثيرة‏,‏ بل المهم كيف نستخدم هذه المناصب بشكل جيد‏.‏ وهذا يحتاج لعلم سياسي وثقافة سياسية‏,‏ ليس المهم التدخل في الكثير من الأمور‏,‏ بل المهم إدارتها ببراعة‏.‏

‏20‏ـ إن الأمان والاستقرار دعامتان رئيسيتان لكل نظام اجتماعي‏,‏ لأنه لا يمكن للديمقراطية أن تنتصر في أي بلد إلا إذا تحولت إلي نظام راسخ قادر علي أن يحقق الاستقرار الذي يسمح بتطور الاستثمار بوجود تنمية‏,‏ بتطور المبادرات الفردية‏,‏ بتطور اقتصادي حقيقي‏,‏ إذا بقينا في الصراعات فستفشل الديمقراطية وهذا ما يريده من لا يريدون للديمقراطية أن تنتصر‏.(12)‏
إن بناء قواتأمنية وعسكرية وشرطية تتميز بالاحترافية وعدم التميز وتسيير نفسها بنفسها في إطار من النزاهة يستلزم اتباع منهج شامل تجاه الإصلاح المؤسساتي‏(‏ مثلا الإصلاح الذي يخص التوظيف‏,‏ وإعادة التدريب‏,‏ وإعادة الهيكلة والتدبير‏/‏ كتابة التقارير وتدابير المراقبة‏)‏ ولذا تبدو خطة إصلاح الأجهزة الأمنية متكونة من ثلاث نقاط وتهدف إلي‏:‏

ــ إعادة هيكلة شرطة مابعد الحكم الدكتاتوري‏.‏

ــ الإصلاح بتطبيق إجراءات جديدة في التدريب والاختيار ومنح الشهادات‏.‏

ــ اتباع أسلوب ديمقراطي من خلال إنشاء قوات شرطة لا تخضع للأمور السياسية‏,‏ ونزيهة‏,‏ وقابلة للمحاسبة‏,‏ ومتعددة الإثنيات‏,‏ وتؤمن بمبادئ شرطة المجموعة‏.‏

ويمكن أن تتضمن أية استراتيجيات شاملة مجموعة من العناصر‏,‏ منها تبني ميثاق أخلاقي مؤسساتي‏,‏ والعمل علي تعليم الجمهور‏,‏ إعادة تدريب الشرطة علي إجراءات سياسية جديدة‏.‏ وتطبيق إجراءات إدارية وتواصلية وتدبيرية لتشجيع الشفافية والمراقبة‏,‏ وتطبيق إجراءات تأدبية لضمان الانضباط وتوفير وسائل الشكاية والتقويم‏,‏ ومراجعة إجراءات التوظيف لتشجيع هذه الأجهزة بحيث تكون جميع الطوائف ممثلة فيها بدون تمييز‏.(13)‏
تبدو إعادة هيكلة بناء ثقافة سياسية تتماشي ومعابر‏'‏ العدالة الانتقالية‏'‏ عملية ضرورية‏,'‏إنها القيم والمعتقدات والإتجاهات العاطفية للأفراد حيال كل ما يتعلق بعالم السياسة‏',‏ وهي تؤدي دورا محوريا في تشكيل الوعي السياسي للجماعات والأفراد‏,‏بما يقوي عناصر الانتماء الوطني‏,‏وتشكل أوامر متينة في العلاقة بين الدولة والنظام السياسي‏,‏ والمواطن مضمون الحقوق دستوريا وإجتماعيا‏.‏

الهوامش‏:‏

‏1‏ـ السيد عبد الحليم الزيات‏,‏ التنمية السياسية‏,‏ دراسة في علم الاجتماع السياسي‏,‏ الجزء الثاني‏(‏ البنة والاهداف‏)‏ دار المعرفة الجامعية‏2002‏ ص‏53‏ ــ‏54.‏
‏2‏ ـ د‏.‏ السيد ولد أباه‏,‏ الموقع الالكتروني‏:‏
http://www.alyoumpress.com/more.php?this_id=2769&this_cat=17
‏3‏ـ د‏/‏إبراهيم أبراش‏,‏ الثورة في العالم العربي كنتاج لفشل الديمقراطية الأبوية والموجهة‏,‏ الموقع الالكتروني‏:‏
http://www.samanews.com/uploads/110325111448LA3Q.doc
‏4‏ـ نفس المرجع السابق‏.‏
‏5‏ـ خليل العناني‏,‏ الثــورة المصــرية وتداعيــاتها العـربية والإقليميـة‏,‏الموقع الإلكتروني
http://www.arabaffairs.org/ArticleViewer.aspx?ID=b6d9f916-24d6-4329-a25d-0b361a5b7ca0
‏6‏ ـ نظرة جديدة للثورات العربية‏,‏ الثورة والقطيعة الأيديولوجية‏,‏الموقع الإلكتروني‏:‏
http://nadyelfikr.net/showthread.php?tid=43141
‏7‏ـ إسماعيل حمودي‏,‏الثورات العربية‏:‏ نموذج جديد في التغيير‏,‏ الموقع الالكتروني‏:‏
http://hespress.com/?browser=view&EgyxpID=30292‏
‏8‏ـ أبو العباس ابرهام‏,‏ الحوار متمدين‏-‏ العدد‏1018,3250//2011,‏ الموقع الالكتروني‏:‏
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=242295
‏9‏ ـ نفس المرجع السابق‏.‏
‏10‏ـ خليل العناني‏,‏ مرجع سابق‏.‏
‏11‏ـ نفس المرجع السابق
‏12‏ـ د‏.‏سمير عبد الرحمن هائل الشمري‏,‏ محاضرات في علم الاجتماع السياسي‏,‏ دار جامعة عدن للطباعة والنشر‏,‏ ط‏:2005‏ ن‏,‏ ص‏:.197‏
‏13‏ ــ رضوان زيادة‏,‏ كيف يمكن بناء تونس ديمقراطية‏:‏ العدالة الانتقالية للماضي وبناء المؤسسات للمستقبل‏,‏ المجلة العربية للعلوم السياسية‏,‏ عدد‏30‏ ربيع‏2011‏ ص‏:(170‏ بالتعرف‏)


المصدر :
http://www.maktoobblog.com/redirectLink.php?link=http%3A%2F%2Fdemocracy.ahram.org.eg%2FIndex.asp%3FCurFN%3Dindx0.htm%26DID%3D10452

هناك 8 تعليقات:

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا دكتور على هذه التوضيحات. بعيدا عن الجانب العلمي والمنهجي دكتور السؤال المحير هو الى متى يبقى الفرد العربي ضحية هذه التحولات بدل نيل المطالب والاستقرار و...و....
      الى متى يبقى العربي ضحية التخطيط الامريكي والصهيوني؟ الى متى يبقى الفرد العربي يشاهد دون حراك؟ الى متى يبقى يبقى فاقدا للوعي؟

      حذف
    2. شكرا دكتور على هذه التوضيحات. بعيدا عن الجانب العلمي والمنهجي دكتور السؤال المحير هو الى متى يبقى الفرد العربي ضحية هذه التحولات بدل نيل المطالب والاستقرار و...و....
      الى متى يبقى العربي ضحية التخطيط الامريكي والصهيوني؟ الى متى يبقى الفرد العربي يشاهد دون حراك؟ الى متى يبقى يبقى فاقدا للوعي؟

      حذف
  2. salam alikoum monsieur, je vous demande svp de mettre le lien pour télécharger des mémoires doctorat, magister et master de tous les domain de l'université de Ouargla disponible dans http://bu.univ-ouargla.dz

    salam alikoum

    ردحذف
  3. salam alikoum monsieur, je vous demande svp de mettre le lien pour télécharger des mémoires doctorat, magister et master de tous les domaines de l'université de Ouargla disponible dans bibliotheque université de ouargla

    salam alikoum

    ردحذف
  4. بارك الله فيكم
    http://virtuelcampus.univ-msila.dz/facdroitsp/

    ردحذف